مأساة أب قصة وعبرة

III عدد المشاركات : 49

مأساة أب
كان الاب يتفنن في تلميع سيارته. يتفقد براغي العجلات.

وإذا بابنه الصغير يحمل حجرا ويخربش خربشاته المعتادة علىالسيارة.

تفاجأ الأب ولم يتمالك نفسه.فصرخ في ابنه ومسك يده يضربها بالمفتاحدون أن يشعر حتى هشم أصابعه.

ليفجع بالدم ينهمر من يد ابنهالبريء.

فرجع إلى نفسه يحمل ابنه إلى المستشفى وكلُّه ندم ... بكى الأب مشمئِزاًّ من نفسه محتقرا لها .كيف يفعل هذا بابنه الصغير!..

نظرالطفل وهو على فراش المستشفى إلى أصابعه وقد أصبحت أقلَّ عددا، واقصر طولا، ثمتحوّل بنظره إلى أبيه قائلا بكل براءة:
(أبي متى ستنبت أصابعي وتكبر كماكانت!..؟).

تسمّر الأب في مكانه وتجمّد الدم في عروقه واصفرّ وجهه، فأجهش بالبكاءوهرول خارجا من غرفة المستشفى، متجها مباشرة إلى السيارة، يركلها ويلطمهاويلعنها ويسبّها، فبسببها جُنّ وقهر ابنه ليعذِّب نفسه…

جلس الأب غير بعيد عن سيارته يضع رأسه بين يديه ومرفقيه على ركبتيه، ثم رفع رأسه ينظر إلىالخدوش،

وإذا به يقرأ ما كتبه ابنه:(أبي أُحِبُّك كثيرا)

لم يُصدِّق الأب ما يرى، فزاد ندمه شدة وضميرهتأنيبا، واسودّت الدنيا في عينيه ولم يعد يشعر بما حوله، وانطلق جريا يروحويغدو كالمجنون،

ثم فجأة صعد بسرعة البرق ..إلى سطح العمارة ليلقي نفسه منتحرا، وما أدركه الناس إلا وهو جثة هامدة وسط بركة منالدماء...

لم يتحمّل الرجل فقتله النّدم بعد ما أعماه الغضب واشتدّ به الحُبّوالحنان على ابنه، فكانت المأساة العبرةَ لمن يريدأن يعتبر.
جريدة الشروق اليومي التاريخ: الخميس05 نوفمبر 2009م / 17 ذو القعدة 1430 هـ / العدد: 2761
الصفحة 22 ركن: المجتمع، بعنوان: ك ل ام قوارير. تكتبه: أم طه.

وهنا نتذكر ما قاله الرسول الأعظم سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم " ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملكنفسه عند الغضب "

وتختلف درجات الناس فيالثبات وضبط النفس أمام ما يثيرهم من الأحداث التي تصادفهم فمنهم من تستخفه الأمورالتافهة فيسرع إليه بالغضب، ومنهم من تستفزه الأمور الشديدة فيلقاها بالعقلو الحلم. فضبط النفس و التحكم في غريزة الغضب سيرة محمودة و تماسككريم و له جزء عظيم عند الله تعالى كما جاء في الحديث الشريف "من كظم غيظا وهويستطيع أن ينفذه دعا الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره في أي الحور شاء "
والمحفوظ من سيرته رسول اللهصلى الله عليه وسلم أنه لم ينتقم لنفسه قط وإنما انتقم لحرمات الله
والقوة الحقيقيةهي تكمن في قدرة الإنسان المؤمن على التحكم في غريزة الغضب وفي ضبط النفس وكظمالغيظ
أما الغضب فإنه يؤدي إلي فسادالعلاقات الاجتماعية، لذا يجب على المسلم أن يضبط نفسه ويكظم غيظه و يملك قوله ويتجاوز عن الهفوات حتى تسرع للفوز في برضا الله و مغفرته وجنته فقال تعالى " سارعواإلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات و الأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السّرّاء و الضّراء و الكاظمين الغيط و العافين عن الناس والله يحب المحسنين"